فى يوم عرفة يذل الشيطان ويصغر لما يرى من رحمة الله لعباده ، يقول صلى الله عليه وسلم (( ما رئي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب الفطام إلا ما رئي يوم بدر" قيل وما رئي يوم بدر قال : " أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة ))
يتوجه الناس ذلك اليوم إلى ربهم حاسري الرؤوس ودامعي العيون ضارعين مبتهلين وقد نزعوا الألبسة والخيلاء وحطام الدنيا ووقفوا في زي واحد أمام رب العالمين فليست لاعتبارات الأرض قيمة في هذا الموقف ولا حتى في غيره ولكنها تتجلى اليوم في أوضح الصور (( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ))
ولذلك أمرنا أن نخلع ذلك الحطام وتلك الأبهة والزخارف قبل المثول بين يديه سبحانه وتعالى لنجعل بين يديه القلوب صافية سليمة من الخيلاء والفخر، (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))
وفى يوم عرفة يتذكر الإنسان يوم الحساب , يوم يحشر الناس حفاة عراة غرلاً ، يوم تزلف الجنة للمتقين ، وتسعر النار للكافرين ، (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ))
يوم عرفة يوم عظيم ، قال فيه صلى الله عليه وسلم : (( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة
فهو يوم يدنو به الجبار جل جلاله يباهي بالمؤمنين ملائكته وأكرم
يقول عبادي قد أتوني محبة وإني بهم بر أجود وأرحم
وأشهدكم أني قد غفرت ذنوبهم وأعطيتهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي يغفر الله الذنوب ويرحم
وما رؤى الشيطان أحقر في الورى وأدحر منه عندها فهو ألوم
وذاك لأمر قد رآه فغاظ فأقبل يحثو للتراب ويلطم
أما عن أول ذنب يرتكبه الحاج بعد نزوله من عرفة ..هو أن يظن أو يشك فى رحمة الله و أنها قد وسعته وأن ذنوبه قد غفرت له
وأنه عاد كيوم ولدته أمه ..
فلابد للحاج أن ينزل من عرفه تملأه الثقة والفرحة برحمة وغفران من ربه
وتصبح نفسه زاهدة فى الدنيا وحب للخير وكره للذنوب
لا اله الا أنت سبحاتك انى كنت من الظالمين
اللهم إغفر لى ولوالدى وللمسلمين جميعا يا أرحم الراحمين
ورد عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم.
وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛